نُشرت دراسات من مراكز متخصصة تؤكد أن مرضى السمنة المفرطة عرضة للإصابة بداء السكري أو ارتفاع ضغط الدم أو كلا المرضين معًا. وعملية تحويل مسار المعدة لها دور شديد الأهمية في السيطرة على هذين المرضين وتحجيم شدتهما، فهي ليست مجرد إجراء جراحي يستهدف مساعدة مرضى السمنة على التخلص من الدهون الزائدة فقط وفقًا لهذه الدراسات. اقرأ السطور التالية لمزيد من التفاصيل.

ما هي العلاقة بين السمنة المفرطة والأمراض المزمنة؟

لا تُصنف أي زيادة في الوزن كسمنة مفرطة، فكي يتم تشخيص أحدهم بالسمنة المفرطة، يجب حساب مؤشر كتلة جسمه أولًا، وهذا المؤشر عبارة عن رقم ينتج من قسمة الوزن بالكيلوجرام على مربع الطول بالمتر.

فإذا كان الشخص يعاني إحدى درجات السمنة الأوليّة عادةً ما تكون قيمة مؤشر كتلة جسمه بين 35 و 40 كجم/ متر مربع، وإذا تخطى المؤشر حاجز الـ 40، فهذا يعني معاناته السمنة المفرطة. وفي كلتا الحالتين يكون المريض معرضًا بنسبة مرتفعة للإصابة بأمراض مزمنة عدة أبرزها السكري وارتفاع ضغط الدم.

السمنة المفرطة والسكري

الجلوكوز هو نوع من السكر يجري في الدم، وهو العنصر الأهم الذي يعتمد عليه الجسم للحصول على الطاقة اللازمة للعمليات الحيوية الضرورية للاستمرارية والبقاء. وتنتج جزيئات الطاقة عندما يدخل الجلوكوز إلى الخلايا بمساعدة هرمون الأنسولين الذي يفرزه البنكرياس.

وعند الإصابة بالسمنة المفرطة، تسبب الخلايا الدهنية العديدة الموجودة بالجسم خللًا في استجابة الجسم للأنسولين، فلا تشعر خلايا الجسم بوجوده ولا تستجيب لتأثيره رغم إفرازه بكمية مناسبة من البنكرياس، وتسمى هذه الحالة بمقاومة الإنسولين.

وطالما قاوَم الجسم تأثير الأنسولين، لا يُستهلك الجلوكوز على النحو المطلوب ولا يدخل إلى الخلايا، فيرتفع مستواه في مجرى الدم، وإنّ استمرار هذا الارتفاع يؤدي إلى الإصابة بالسكري.

وفي أثناء ارتفاع مستوى الجلوكوز في الدم يحاول البنكرياس إفراز مزيدٍ من الأنسولين للسيطرة على مستوى الجلوكوز، ومع مرور الوقت يُجهَد البنكرياس ويعجز عن إفراز الأنسولين بالكمية اللازمة لاستهلاك الكميات الكبيرة من الجلوكوز التي تجري في الدم ما يؤدي إلى الإصابة بالسكري في النهاية.

السمنة المفرطة وارتفاع ضغط الدم

تؤدي الإصابة بالسمنة المفرطة إلى حدوث عدة تغيّرات فسيولوجية في الجسم تنتهي بإصابة المريض بارتفاع ضغط الدم، وتشمل تلك التغيّرات:

زيادة حجم الدم 

تحتفظ الخلايا الدهنية العديدة المتراكمة في جسم مريض السمنة بالسوائل الزائدة -كالإسفنجة تمامًا- ما يؤدي إلى زيادة حجم الدم داخل الأوعية الدموية ومن ثمّ ارتفاع مستوى ضغط الدم.

ضعف مرونة الأوعية الدموية

تُفرز الخلايا الدهنية موادًا التهابية تؤثر سلبيًا في سلامة بطانة الأوعية الدموية ما يَحد من مرونتها ويزيد من فرص انقباضها، وعليه يرتفع ضغط الدم.

ظهور اضطرابات في الأنظمة المتحكمة في ضغط الدم

هناك نظام هرموني إنزيمي دقيق يُعرف باسم “الرينين-أنجيوتنسين-ألدوستيرون” أو (RAAS) تتمثل وظيفته في ضبط مستوى ضغط الدم والحفاظ على توازن كمية السوائل في الجسم. 

وعند إصابة الفرد بدرجات متقدّمة من السمنة يرتفع نشاط ذلك النظام، ما يسبب احتباس عنصر الصوديوم، وهو عنصر يؤدي دورًا رئيسيًا في تنظيم مستوى سوائل الجسم، وباحتباسه يرتفع ضغط الدم.

وللتخلص من السمنة المفرطة المصحوبة بداء السكري أو ارتفاع ضغط الدم، قد يوجه الطبيب مريضه -وفقًا لحالته- إلى الخضوع لعملية تحويل مسار المعدة.

تأثير عملية تحويل مسار المعدة على مرض السكري

أثبتت الدراسات أن مرضى السمنة المفرطة يتعافون من داء السكري أو تعود مستويات السكر لديهم ضمن نطاق أقرب ما يكون من النطاق الطبيعي بعد الخضوع لعملية تحويل مسار المعدة، وذلك عبر وسيلتين:

  • إحداث تغيّرات هرمونية، حيث تُسهم التغيرات التي طرأت على مستوى الجهاز الهضمي في تحفيز القناة الهضمية على إفراز بعض الهرمونات مثل (GLP-1) و (GIP-1) التي تعزز معدلات إفراز الإنسولين من ناحية، ومن ناحية أخرى تمتلك تأثيرًا مطابقًا لتأثير الإنسولين، ما يؤدي إلى انخفاض مستوى السكر في الدم.
  • الحد من امتصاص السكر من الطعام، إذ تنخفض معدلات امتصاص السكر من الطعام الذي يستهلكه المريض بعد العملية، وهو الأمر الذي يمنع حدوث ارتفاع مفاجئ لسكر الجسم بعد الوجبات، ويُسهم في تحقيق درجة جيدة من السيطرة على مستويات السكر في الدم.

تأثير عملية تحويل مسار المعدة على ارتفاع ضغط الدم

بعد الخضوع لتحويل المسار، يتخلص جسم المريض من الخلايا الدهنية الزائدة التي كانت تُطلِق موادًا ضارة تؤثر سلبًا في سلامة الشرايين، وهو ما يساعد على تحسُّن مقاومتها -أي الشرايين- ويُسهم في خفض ضغط الدم.

وكذلك تُسهم عملية تحويل مسار المعدة في استعادة النشاط الطبيعي لنظام RAAS المُتحكِّم في ضغط الدم ومستويات الصوديوم وسوائل الجسم، فتتحسن حالة المريض وتصبح قراءات مستوى ضغطه جيدة وقريبة من الطبيعية.

إنّ الخضوع لعملية تحويل المسار بالمنظار بمثابة تغيير جذري يحوّل حياة مريض السمنة من حياة مليئة بالعلل العضوية والنفسية إلى حياة صحية يستطيع خلالها ممارسة كل أنشطته بطريقة طبيعية. لطرح الأسئلة أو حجز موعد مع الدكتور محمد نصر الشاذلي تواصلوا معنا عبر الأرقام الموضحة في موقعنا الإلكتروني.