بعد عملية تحويل مسار  المعدة يوصي الأطباء مرضاهم باتباع نمط حياة صحي سليم، ولكن بعض أولئك المرضى يجابهون صعوبةً شديدة في ذلك، فهُم قد اعتادوا نمط حياةٍ غير صحي ما قبل الجراحة بالتالي يصعب عليهم تغييره خلال فترة قصيرة.

فكيف يتغلب مرضى السمنة على تلك الصعوبات التي يواجهونها عند محاولة تغيير نمط حياتهم إلى نمط صحي بعد عملية تحويل المسار؟ هذا ما سوف نبرزه خلال هذا المقال. 

معاناة المرضى ما قبل عملية تحويل المسار

السمنة المفرطة مرض يعكر صفو الحياة ويجعلها مضطربة، فمَن يعاني ذلك المرض سوف يتعرض لمشكلات عديدة منها:

الأمراض المزمنة

تؤدي السمنة المفرطة إلى الإصابة بعدة أمراض مزمنة تشمل:

أمراض الشرايين

تزيد السمنة من خطر الإصابة بالانسداد الشرياني، فتراكم طبقات الكوليسترول الضار على جدران الشرايين يسبب ضيق قُطرها أو انسدادها كليًا في الحالات الأكثر تقدّمًا، ما يؤدي إلى مضاعفات أكثر خطورة.

مرض السكري 

تتسبب زيادة الوزن المفرطة -لا سيما إن اشتملت على تراكم الدهون في منطقة البطن- في معاناة الفرد مشكلة مقاومة الأنسولين، ما يؤدي إلى الإصابة بالسكري من النوع الثاني.

ارتفاع ضغط الدم

تخّزن الخلايا الدهنية الزائدة الماء في الجسم، وتعمل على إفراز هرمونات تحفّز الجسم على الاحتفاظ بالماء وعنصر الصوديوم، ما يؤدي إلى زيادة مُجمل حجم الدم، ما يزيد من الضغط على عضلة القلب، أو بمعنى أكثر وضوحًا؛ تبذل مجهودًا كبيرًا لضخ تلك الكمية الكبيرة من الدم، ما يؤدي إلى ارتفاع الضغط الدموي في النهاية.

المشكلات النفسية

يعاني عدد كبير من مرضى السمنة المفرطة نوبات اكتئابية مستمرة، ويُصابون باضطرابات الشهية لاسيما بعد فشل محاولاتهم في إنقاص الوزن الزائد، فبعد اتباع نظام “دايت” قاسٍ، وعدم الحصول على نتائج مُرضية، يُصابون بالاكتئاب ويعودون إلى تناول مزيد من الطعام غير الصحي للتنفيس عن مشاعرهم السلبية.

المشكلات الاجتماعية

يتلقى مرضى السمنة المفرطة كثيرًا من التعليقات السلبية -المتعلقة بالوزن وشكل الجسم- من جانب الأهل والأصدقاء خلال المناسبات التجمعّات، ويواجهون تمييزًا عند التقديم على بعض الوظائف التي تتطلب حُسن المظهر والرشاقة، ويجدون صعوبة في العثور على الملابس المناسبة التي تخفي عيوب أجسامهم، وكل ذلك يدفعهم إلى العزلة، ويُشعرهم -أحيانًا- بالخوف من الانخراط في المجتمع خوفًا من التعرض للمضايقات أو للمواقف المحرجة.

سِمات نمط حياة مرضى السمنة قبل عملية تحويل المسار 

  • عادةً ما يتسم نمط حياة مرضى السمنة بالخمول، لاسيما إذا كان يعاني إحدى درجات السمنة المتقدمة، فعلى سبيل المثال، المريض الذي يتجاوز مؤشر كتلة جسمه الـ 40 كجم/متر مربع لن يستطيع المشي أو ممارسة الرياضة بسهولة، ولن ينعم بساعات نومٍ هانئة بسبب انقطاع النفس في أثناء النوم (Sleep apnea).   
  • ويتضمن نمط حياة أولئك المرضى أيضًا اتباع نظام غذائي يرتكز على كل ما هو ضار على صحة البدن، إذ يتناولون الأكلات الدهنية والسكريات بإفراط، ولا يشعرون بالشبع إلا إذا تناول العديد من الوجبات الدسمة الكبيرة خلال يوم، ويعجزون عن السيطرة على شعور الجوع المتكرر.
  • وبالنظر إلى سِمات نمط الحياة المذكورة أعلاه نجد أنه نمط أقل ما يُقال عنه أنه نمط “سام” يجعل المرضى في حلقة مفرغة من سوء الحالة الصحية والنفسية في الوقت نفسه، وإنّه أمر يستلزم العزم على تغيير ذلك النمط إلى نمط صحي. وأولى خطوات هذا التغيير تتمثل في زيارة طبيب جراحة الجهاز الهضمي والمناظير لمناقشة مدى إمكانية الخضوع لإحدى جراحات السمنة.

ولعلّ عملية تحويل مسار المعدة أشهر الجراحات التي قد يرشحها الأطباء المختصون -بحسب حالة المريض- كحل نهائي للسمنة ومضاعفاتها، وكوسيلة فعالة لتحسين نمط الحياة.

عملية تحويل المسار بالمنظار: طوق النجاة من السمنة

تتكون عملية تحويل المسار من خطويتين، تتضمن الخطوة الأولى إنشاء جيب معوي صغير، والخطوة الثانية تشمل ربطه مع الأمعاء الدقيقة بعد تجاوز مترين منها تقريبًا، ما يؤدي إلى تقليل كمية الأكل في الوجبة الواحدة، وتقليل الامتصاص أيضًا، ما يسهم في فقدان الوزن. 

سُبُل استعادة نمط حياة صحي بعد عملية تحويل مسار المعدة

هناك عدة سُبل تخدم الهدف الرئيسي الذي تُجرى عملية تحويل مسار المعدة لأجله، ألا وهو خسارة الوزن الزائد والتخلص من الأمراض المصاحبة للسمنة. وأهم ما في تلك السُبل يتمثل اختصارًا فيما يلي:

  • الالتزام بنظام غذائي صحي يحتوي على أطعمة غنية الدهون الصحية والألياف والبروتين.
  • تناول المكملات الغذائية لتعويض الجسم عن نقص الفيتامينات والمعادن الذي ينتج من قلة تناول الطعام بعد العملية.
  • ممارسة الرياضة لتحفيز الجسم على حرق الدهون، ومن أجل شد العضلات ومنع الترهلات التي قد تظهر بسبب فقدان الوزن.

ورغم سهولة اتباع ما ذُكِر أعلاه، فكثير من المرضى يجدون صعوبة في ذلك لأنهم قد اعتادوا تناوُل كميات غير محدودة من الحلويات والأطعمة غير الصحية يوميًا قبل الخضوع للجراحة، ولم يَكُونوا ممارسين دائمِين للرياضة، بالتالي سوف يتطلب التزامهم بنمط الحياة الجديد الذي يتضمن ممارسة الرياضة وتناول أطعمة مفيدة بكميات مُقننة بذل مجهود كبير على الصعيديّن النفسي والبدني.

وللتسهيل على تلك الفئة من المرضى، نستعرض معكم وسيلتين تساعدان على الالتزام بأسلوب حياة صحي بعد عملية تحويل مسار المعدة بالمنظار:

المشاركة في مجموعات الدعم النفسي

  • تُعَد مجموعات (جروبات) الدعم النفسي المتاحة على وسائل التواصل الاجتماعي، التي يشرف عليها المتخصصون مساحة آمنة لجميع المرضى الذين يواجهون تحديات مشتركة بعد الخضوع لعمليات السمنة المفرطة. 
  • فمن خلال الوجود في تلك المجموعات الثريّة سوف يتمكن كل مريض من مشاركة مخاوفه مع غيره ممن يتفهمون تلك المخاوف، وسوف يستطيع طلب يد العون من الجميع -سواءً مرضى خاضعين لجراحات السمنة أو اختصاصيين نفسيين- دون خجل لتعزيز شعور الطمأنينة لديه طوال فترة النقاهة.
  • وكذلك تُعد مجموعات الدعم مصدر إلهام وتشجيع للمرضى، فكل مريض يستعرض قصة نجاحه المُلهِمة في إنقاص الوزن عبر إحدى هذه المجموعات هو بالتأكيد يؤدي دورًا مهمًا في تشجيع غيره على تحقيق مزيد من النتائج الجيّدة بعد العملية.

المتابعة الطبية المستمرة

  • المتابعة الطبية خطوة ضرورية تساعد المريض على استعادة نمط الحياة الصحي بأسهل طريقة، فعبر زيارة الطبيب بعد الإجراء يتأكد المريض من سيْر فترة النقاهة بخير ومن نزول وزنه بالمعدل المتوقع، وهو ما يُشجعه على مزيدٍ من الالتزام للحفاظ على النتائج.
  • وخلال جلسات المتابعة كذلك، يحصل المريض على توجيهات دقيقة تضمن نزول وزنه بمعدلات واقعية، وتساعد على مواجهة أي صعوبات قد يجدها المريض في أثناء تناول الطعام أو الشراب.

وفي الختام

  • ننصحك بعدم استعجال ظهور النتائج بعد عملية تحويل مسار المعدة، وعدم مقارنة معدل نزول وزنك بغيرك ممن سبقوك الخضوع لتلك العملية،  بل ينبغي العلم أنّ لكل مريض رحلته الخاصة التي تتفاوَت محطاتها وفقًا للحالة الصحية ومدى الالتزام بتعليمات الطبيب ما بعد الجراحة.

يوفر الدكتور محمد نصر الشاذلي مجموعات دعم لمرضى السمنة قبل الجراحات وبعدها، ويضم طاقمه الطبي اختصاصية نفسية تساعد المرضى على تجاوُز كل ما يواجهونه من صعوبات طيلة فترة العلاج. 

لطرح أي أسئلة أو حجز موعد مع الدكتور محمد، ندعوكم إلى التواصل معنا مُستخدمِين الأرقام المدونة في موقعنا الإلكتروني.